صوت المرأة بالجنوب من أقل الأصوات المسموعة، فهي مختبئة بين جدران بيتها، بعيدة عن الإعلام، غير أن هنالك من صنعن الإستثناء وبرهن عن التزام مجتمعي يتحدى ظروف العزلة وغياب الامكانيات و قلة الحيلة، ولكل طريقتها, بورتريه لسيدة استثنائية من أعماق الساورة

من بلدية بني يخلف التي تبعد 310 كلم عن مقر ولاية بشار، تطل نعيمة تواتي دائما بصوتها على إذاعة الساورة، وهي صوت تحول الى أداة فاعلة في محيطها المعزول فتنقلت نعيمة من الإذاعة إلى الأعمال الخيرية إلى النشاطات الثقافية أبرزها الجمعية النسوية التي ترأسها

التزام مبكر
حسّ نعيمة الثقافي ليس وليد اللحظة بل بدأ من ريعان شبابها حيث كانت تهوى جمع الطوابع البريدية والقطع النقدية القديمة ، فكانت هذه من أولى إشارات التميّز لصاحبة الأربعين ربيعا
والأهم من هذا أن فكرة جمع تراث بلديتها اللامادي كالشِعر الشعبي والمدائح صاحبت السيدة نعيمة، بالاستماع لبعض الشيوخ والكتابة عنهم بما في ذلك الشعر الذي يحفظونه لشعراء المنطقة الذين وافتهم المنية على غرار الحاج الطيب بومحلي والحاج موسى عبد اللاوي رحمهم الله
وفي هذا السياق قالت نعيمة : ” أمنيتي ان أشكل مادة لمؤلف يكون بصمة في مسيرتي إن شاء الله”.

منبر الإذاعة
حين تسألها عن إذاعة بشار التي طالما تميّزت بحضورها الصوتي تتحدث نعيمة عن شغف المستمعة قبل المشاركة في برامج ثقافية واجتماعية ومسابقات لكسب معرفة اكثر وافادة الاخرين بدافع إبراز عادات وتقاليد منطقتها والتعريف بها كون بلدية بني يخلف رغم عراقتها غير معروفة لدى الكثيرين
السيدة المتميّزة تتشرف بان يذكر اسم بني يخلف وينفض الغبار عما تكتسبه قائلة ” أصبحتُ بمثابة همزة وصل بين ما يحدث في المنطقة والمستمع باهتمام بالغ بالوعدات والتويزة ونقل كيفية الاحتفالات في الاعياد والمناسبات والمواسم حفاظا على الهوية “
إبنة بني يخلف تنقل ما أمكنها من انشغالات المنطقة واهلها عبر إذاعة الساورة من بشار، الأمر الذي دفع أحد المستمعين بإطلاق وصف “سفيرة بني يخلف” على السيدة نعيمة التي تعشق العمل الإذاعي فهذا المنبر على حد قولها : ” حقق أمنية من أمنياتي وهي ترك بصمة، وأصبحت عضوا فعالا في المجتمع واذا سمحت الظروف والفرص لن اتوقف بل سأواصل .. يكفيني فخرا أن أرى البسمة على وجه من طلب مني المساعدة خاصة الأيتام والفقراء وكل من هم بحاجة إلى مساعدة ”
وهو ما تهدف اليه فروع جمعية صرخة الفتاة النسوية التي تأسست عام 2013 لمساعدة المرأة الماكثة في البيت و الأمومة و الطفولة والمحافظة على تراث المنطقة المادي واللامادي و إبرازه حيث انطلقت من حصة اذاعية استضافت الرئيسة الولائية للجمعية ذكرت ان للجمعية فروعا ببلديات بشار متخصصة في تكوين البنات والمرأة الماكثة بالبيت في الخياطة تعمل على تموينهم بماكنات، كما ذكرت أهدافا ثقافية و تضامنية راقية .. حينها تدخلت نعيمة بالاتصال على المباشر واقترحت فتح فرع ببني يخلف، إحدى البلديات التي لا تحظى بنشاط يخص المرأة فوعدت رئيسة الجمعية بزيارة البلدية وتم بالفعل تنصيب فرع للجمعية واختيار نعيمة رئيسة لها

الصعوبات والعراقيل
إستطاعت جمعية صرخة الفتاة تحقيق عدد من الأهداف التي ساهمت بشكل أو بآخر في رسم الإبتسامة والفرحة التي خنقتها أحزان وأثقال الحياة خاصة في هذه البلدية المعزولة نتيجة إيمان طاقمها بالعمل الخيري وإخلاصهم له ولكنها تعاني من بعض المشاكل والعراقيل التي تؤثر بالسلب على العمل بشكل عام تتلخص في كون نقص الاستقلالية وكون الفرع من الجمعية لا يستفيد من الاعانات المالية التي تعتبر أساس العمل خاصة الخيري والتطوعي وعلى رأسه اقتناء الحاجيات من أثاث ولوازم الخياطة وترميم المقر وتهيئة الورشة بوسائل التدفئة للشتاء والتهوية في الصيف دعما لتكوين المرأة ومزاولة العمل ، فالمصاريف التي تصرف في العمليات التطوعية والمبادرات هي من تبرعات الاعضاء ومجهوداتهن ، تقول نعيمة تواتي