المجتمع والمشهد الثقافي في حاجة ماسة اليوم إلى قارئ جيد بدل القارئ العادي. ومن حق أي شخص طرح التساؤلات حول الفرق بينهما، خاصة وأننا كنا قبل أشهر مع موعد ثقافي هام في حياة الفرد الجزائري ألا وهو المعرض الدولي للكتاب.
بلغ عدد زوّارالسيلا لهذا العام وخلال عشرة أيام فقط ما يتجاوز عتبة المليوني زائر، ألا نجد منهم 70 بالمائة من القراء؟ وكم هو عدد القراء الجيدين في تلك النسبة؟ وما الذي يميز القارئ الجيد عن القارئ العادي؟
العديد من التساؤلات يمكن طرحها في إطار هذا الموضوع الذي بات مهما، لأننا وفي خلال عشرة أيام يكون عدد الزوار لمعرض الكتاب يفوق المليونين، في الحقيقية هو أمر جيّد ومؤشر يبشر بالخير، بغض النظر عن نوع الزوار ونوع الكتب الأكثر مبيعا، إلا أننا من بين تلك الأعداد الهائلة لا نجد منهم 70 بالمائة قارئا وهذا الذي نبحث عنه.
لكن الأمر الأهم من ذلك هو كيف نجد قارئا جيدا بين تلك الأعداد؟ ولماذا القارئ الجيد بالتحديد؟ وما الذي يجعله أكثر أهمية من القارئ العادي؟ يمكن طرح العديد من التساؤلات حول هذا الموضوع والبحث لها عن حلول منطقية، لأنه نقطة مهمة وأساسية، لأننا في حاجة للإنسان الذي يتحلى بالإنسانية لا الذكورة والأنثوية وقبل أن يكون قارئا أيضا، ان يكون قارئ جيد بدلا من قارئ عادي.
شاهد اكبر معرض للكتاب بالجزائر في الصالون الدولي للكتاب
لإسلام لهواولة
القارئ العادي هو ذالك الذي لا تحركه نفسه للنبش عن خبايا ما يقرأه، يتقبل بصمت ويمر، لا يتحرك وجدانه، لا يقارن ولا يتمعن، يمر مرور الكرام، قارئ لا يتفاعل مع النص والمشهد الثقافي، لا يناقش ما يقرأ يلتهم كلّ ذلك في صمت.
في حين أن الكاتب يحتاج إلى من يناقشه في أفكاره وفي ما يكتب، الكاتب يحب القارئ الذي ما إن تمرّ أمامه كلمة إلا ووضع لها ألف حساب، الكاتب في كلمة يحتاج لقارئ جيد حقيقي، يتفاعل مع نصوصه، يزداد رصيده الإنساني قبل أن يزداد رصيده الفكري والمعرفي والثقافي، أمّا القارئ الذي يقرأ مائة كتاب ولا يناقش أفكار كتاب واحد فيها هو عادي ميت، ونحن في غنى عنه.
إن القطيعة التي نعيشها اليوم بين القارئ والكاتب تعتبر بمثابة ركود قراءاتيّ، والمشكل هذا يعود لسببين تساؤليين: هو أن الكاتب لا يقدم ما هو جديد ومثير؟ أم أن القارئ يتكاسل ولا يؤدي دوره الحقيقي؟ لكن إن عرفنا السبب الذي أدّى إلى هذه القطيعة سنكون أمام تساؤل آخر وهو ما الذي أّدّى لهذا؟ ومن المسؤول الذي اشتغل على أن تتواجد هذه القطيعة؟
وبالحديث عن المعرض الدولي للكتاب لهذه السنة الذي جلب عدد هائل من الزوار أيمكنه أن يمدنا بنسبة معتبرة من القراء الجيدين الحقيقيين؟ أجدني أتفحص جوّ القراء وأنني واحد منهم، القليل منهم من تشغله القضايا الثقافية ومآلها في البلاد، حيث أصبح المجتمع يرى الثقافة مكمل للحياة الإنسانية وليس ضرورة حياتية، وأن البعض أصبحت الثقافة تعني لهم الحفلات والمهرجانات الغنائية والفنية، وهنا نصبح في مشكل إعادة برمجة عقول العامة على أن مجال الثقافة واسع وأنه ليس بمكمل للحياة الإنسانية.
وعن الذي يخلق القارئ الجيد والحقيقي، هو الوسط العائلي والمدرسي، فإذا كان الآباء والمعلمون والأساتذة يدربون أبناءهم وطلبتهم على أساسيات أو فن طرح السؤال الذي يولد لديهم فيما بعد بذرة القارئ الجيد والواعي، وأيضا مناقشة ما يقرؤونه معهم يترك لديهم سيمة القارئ الحقيقي الذي نحن بحاجة إليه.
إننا نعاني أزمة قرّاء جيدين حقيقيين بدل القارئ الفاتر الذي لا يساعد على خلق جو نقاش بين الكاتب والجمهور، الوضع الثقافي في أزمة ونحن في حاجة لقارئ، فمن رأى منكم قارئا فليحببه