حفلة ورقلة.. والرقص مع الذئاب ؟!
أحتاج و بِشدةَ الى كوب قهوة لتهدئ تلك الافكار من الرَقص داخل رَأسي .. عندما تترك أخاً لك تأكله الذئاب ولا تتحرك، فاعلم أن الذئاب ستجوع يوماً ما ولن يستطيع أخوك أن ينقذك .!
المسألة : سكان ورقلة يحتجون ضد حفل فني ساهر، معتبرين أن الولاية بحاجة إلى تنمية وليس إلى الموسيقى.
نظم المئات مننهم وقفة احتجاجية أمام مسرح الهواء الطلق لمنع تنظيم سهرات غنائية خلال فصل الصيف الجاري، مطالبين بصرف أموال السهرات في المشاريع التنموية على حد ما تضمنته الشعارات التي حملوها… واستنكر المواطنون الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي والنقص في التزود بالمياه الصالحة للشرب وكذا الربط بشبكات الصرف الصحي … في حين يتم هدر الأموال على تنظيم الحفلات الفنية.
إلى هنا، الأمرعادي بالنسبة لأي إنسان عاقل !!
أما غير العادي فكان أن يختتم الجمع تجمهرهم بالصلاة. وهو ما وضفته و تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي والصحف و القنوات التلفزيونية الوطنية و العالمية من صور وفيديوهاتً للاحتجاجات التي انطلقت بمسيرة وانتهت بإقامة صلاة العشاء أمام مسرح الهواء الطلق بورقلة…
وهنا وقف إبليس و رمى سيجارته وداسها بقدمه و صفق لها كثيراً وقال لأولاده ” اتعلموا ياولاد الأبالسة من خالتكم حدة حزام واخواتها ” (إن كيدهن عظيم) من الساسة و الاعلاميين و اشباه النخبة المتنورة المتدورة المتلونة !
حفلة ورقلة
جاء تصريح لويزة حنون (حزب العمال) : “المطالبون بإلغاء الحفلات ظلاميون يريدون أن تعيش الجزائر في العصور الوسطى و انحراف خطير! “. و في هذا “مـساندة” لما قاله أحمد أويحيى ! فالوزير الأول وأمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي هاجم متظاهري ولاية ورقلة و مدنٍ جنوبية تعاني الفقر والحرمان من برامج التنمية المحلية و ردَّ عليهم بقوله : ” إن الفوضى والشغب ليست مفتاحًا لعلاج أي مشكلة سواء أكانت اقتصادية أم اجتماعية ” ؟!. وحذّر الوزير الاول من استمرار احتجاجات جنوب البلاد ، عقب تهديد السكان بتصعيد الاحتجاج في الشارع بسبب بطئ التنمية وتفشي البطالة.
في الحقيقة، جزء مما قاله أويحيى كان رسالة مشفرة موجهة للتيار الاسلامي بمختلف أطيافه وخاصة (حركة مجتمع السلم )، موجها أصبع الاتهام اليها تلميحا بتحريك الشارع لأغراض سياسية بعد رفض أمين عام الأرندي لمبادرة (حمس) السياسية واستقبالها ببرودة من حزب جبهة التحرير الوطني حزب السلطة، و رفض الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش الشعبي الوطني الجزائري ونائب وزير الدفاع، تدخل الجيش في السياسة.
أويحيى، في تصريحه المثير، أضاف : ” أظنّ أنه حان الوقت لنقول الحقيقة للشعب الجزائري “. هذه الجملة لم تكن للشعب الذي يتمنى رحيله من على رأس الحكومة بل كانت لكسب ود وتأييد اصحاب القرار في السلطة و تحييد خصومه من المشهد السياسي !
وبذلك، اتضح جليا خوف هذا التيار الاسلامي الظهور في مظهر الضعيف أمام انصاره ومناضليه و هو الذي رضخ بعد ما قام به من أعمال وتنازلات للسلطة وأصحاب القرار أمام خصومه ومناوئيه، حيث ذهب لخلط الأوراق في الساحة السياسية مع حلفائه الأيديولوجيين والسياسيين، في محاولة لإرباك اﻷجهزة، وهنا يمكن الحديث عن خطر ناجم عن صراع على النفوذ ؟!
إن السلطة و الاحزاب والاعلام والشخصيات الوطنية والمحلية المنتخبة الخائضة في هذه المسألة، تتسابق اليوم على الاستثمار السياسي في قضية حراك الجنوب ، تجسيداً لما حققته من مكاسب على الأرض سابقاً بركوبها واستثمارها لحراك الجنوب، وذلك بعد اكتمال صراع النفوذ والسيطرة في اعلى هرم السلطة… و بقدر ما تستمر الطبخة بقدر ما يتهيأ تقاسم الغنائم على جثث الأبرياء ورائحة الشواء!!

تداعيات حفلة ورقلة
الجنوب أضحى التربة الخصبة لزراعة الفتن.. تبدأ عمليات التمهيد ومن ثمة يبدأ توزيع بذور ذات مواصفات قابلة لزيادة مساحات التخصيب والاهتمام بالري من خلال التدفقات المتعددة الاتجاهات، وصولاً للنضج الذي يعلن عن موعد الحصاد. هكذا هو مشهد الجنوب الجزائري في صورته الراهنة التي وإن تأخرت بعض منتجاتها عن المواسم التقليدية … إلاَّ أن البعض الآخر أصبح جاهزاً للتسويق !!
الحراك الشعبي في الجنوب اليوم يؤذن بديناميكية جديدة : قيل في الحركة بركة، وقد قام المواطنون بتحرك واسع في عدة مناسبات بعد جهد جهيد وتخوينات داخلية وخارجية وتثبيط معنويات المناضلين الأحرار و الشرفاء بدرجة لا توصف. الذنب الوحيد لهذا التحرك أنه تحرك .. لم ترض مروءته أن يجلس مكتوف اليدين، فانطلق لإيصال صوت مبحوح، متهم بالخيانة باسم منطقة ترزح تحت ويلات التخلف و اضحت ورقلة صوت الجميع تارة من أجل الشغل وأخرى من أجل الصحة و التنمية وحياة افضل .. بعيدا عن الخلافات والصراعات السياسية و الأيديولوجية و الانقسامات !
وبسبب ما سبق ذكره استوجب الوقوف على جوهر المسألة من خلال هذا البحث:
كل الشعب الجزائر أيقن بان الحراك .. والمظاهرات ..يستغله الكثير من الاحزاب والشخصيات السياسية الوطنية والمحلية والسلطة معا؟!
بالاختراق او شراء الذمم او ركوبه و الاستثمار فيه ، وفي حالة نجاحه ترفع المطالب و للتفاوض والاحتكاك بأعلى السلطات..وهذا ما تم تطبيقه فعلاً في عدة مناسبات لاقتسام الغنائم بعيد عن أعين المناضلين الاحرار، وفي حالة خروج الحراك عن السيطرة يصبح الحراك شماعة يعلق عليها الفشل والفوضى والشغب !!
المؤسف حقاً أن البعض يحاول أن يفرض على الجنوب واقعا مؤلما بالقوة المفرطة، في حين يسعى البعض الاخر أن يجعل الجنوبيين قطيعاً من النعاج يأكل ويجتر وينام ولا يحس بمشاكل وطنه أو يناقش قضاياه.
البعض يريد أن يصعد فوق ظهورنا ويجعلنا حيوانات ركوب، والبعض يريد أن يرى الجنوبيون الفساد ويصمتوا .. أن ندير ظهورنا ونبتسم فى وجهه الكئيب الأغبر بل ونغني له إذا لزم الأمر. البعض يريد منا الصمت والمشي تحت الحائط ، البعض يريد منا أن نركع لغير الله.. أن نركع لأصحاب الثروات الهائلة التى هبطت فجأة دون عناء وأصحاب النفوذ الكاذب الذين أصابهم بالانتفاخ فصعدوا فى الهواء ونظروا إلى الناس من عل ولم يدركوا أن بينهم وبين السقوط على الأرض لحظة..
حفلة ورقلة بين الفوضى والنظام
نحن اليوم أمام رقص سياسي مع الذئاب ..ليس فقط بهز الأرداف كما اريد لورقلة، فالكل اليوم يريد المشاركة و الكل يبحث عن الصفقه مع السلطة! إنها رقصة من أجل طموحات شخصية أو فئة حزبية أو أيديولوجيا أو أرصدة مالية. كل ذلك على حساب الوطن !
إنه الرقص الذي يثير اليأس في قلوب البسطاء، ذلك “الشعبي” الذي يبذل دمه وماله وروحه في سبيل حريته، بينما يرى حكومته و سياسيه ونخبته.. مشدودين إلى المصالح وفكرة عدم جدوى ما يفعله الشعب؟!. كتبت تغريدات بالدم و تلتها تغريدات ساخرة مهملة و ممعنة في الإيلام لمن يغردون خارج السرب.
لقد أضحى من المستحيل الاستمرار في الصمت او قبول ما يخالف قناعات ومبادئ الشارع المؤمن بقدسية الحياة وإعلاء قيمة الحرية والكرامة الإنسانية ، حتى وإن كان ذلك عكس التيار العام والهيستيريا السائدة حالياً ؟! فقد علمتنا تجربة الحراك في الجنوب أن أغلب المسئولين و السياسيين و الاعلاميين لا يأبهون بما يلبي طموحات الشعب الجزائري ولا يؤمنون إلا بالصفقات بل ولا يتفاعلون مع قضايا الأمة إلا بالقدر الذي يبرر وجهة نظر السلطة ويخدمها فقط !
سأكون فوضوياً و مشاغباً وأقول .. ولنا فى الصلاة و الموسيقى و الرقص حياه ! لا أحب الفوضى ولكن هذا هو النظام !