من الولاية المنتدبة بني عباس، 200 كلم عن الولاية بشار، بزغت موهبة الفنان بشير سالمي، 35 ربيعا، وهو ممثل ومخرج مسرحي صقل موهبته عبر مسيرة انتهت بعد اضطراره للعودة من معسكر الى بني عباس حيث دفن فنه في الرمال
ورغم أن بدايات بشير في الفن الرابع كانت كأغلب الممثلين في مسارح الأطوار التعليمية الثلاث انطلاقا من الابتدائي في بلدته الصحراوية المعروفة بسحرها وحسها الفني، غير أن ولوجه العالم الأكاديمي للمسرح تم عند بلوغه الطور الجامعي ، حيث تلقى هنالك تكوينا عبر ورشات تدريبية لإعداد الممثّل

كيف تفتقت موهبة بشير سالمي ؟؟
”عبدو سعيد“ إقامة جامعية بولاية معسكر وهي أيضا اسم الفرقة المسرحية التي كان ينشط بها الشاب بشير سالمي رفقة زملائه الطلبة آنذاك والتي سميت نسبة لهذه الإقامة، ليتغيّر اسمها بعدها إلى ”عشاق الفن الرابع“
وكان بشير رئيسها و مخرجها الاول عبر عرض مسرحي استهلالي بعنوان «غزة”، و هي المسرحية التي كان يحفظها جيدا ويحسن أدائها منذ كان تلميذا بالثالثة ثانوي
نال الفنان الشاب رفقة هذه الفرقة عدة جوائز جماعية و فردية ، الجماعية كأحسن عرض متكامل ، أحسن سينوغرافيا و جائزة أحسن لوحات فنية في الكوريغرافيا
الجوائز الفردية هي الأخرى كثيرة، منها أحسن تمثيل و إلقاء لأحد أعضاء هاته الفرقة (الفرقة المسرحية عشاق الفن الرابع)، حيث حصل بشير سالمي على المرتبة الثانية في مهرجان القناع الذهبي بولاية جيجل
وكانت جائزة أحسن ممثل على المستوى الوطني من نصيب هذا الفنان القادم من الصحراء مرتين في مهرجاني المونودراما و المسرح، فضلا على جائزة أحسن إخراج أيضا

ماذا عن الاحتراف ؟
بداية الاحتراف كانت مع جمعية الشروق بمعسكر بعرض مسرحي قدم عام 2010 للمخرج القدير محمد فريمهدي بعنوان “دوريان غراي و الدقائق العشرون “، ثم المشاركة في المسرح الجهوي لولاية معسكر
سنة 2013 ، عاد بشير الى مسقط رأسه بعد نهاية دراسته الجامعية، شارك بعدها في المهرجان الوطني للمسرح المحترف بسيدي بلعباس ثم الأيام الوطنية للمونودرام بولاية الأغواط تلتها الأيام المغاربية أيضا بنفس الولاية
استغلّ بشير خبرته في التأطير بولاية معسكر ضمن فرقته و خارجها، فحاول مشاركة أبناء منطقته حبه للمسرح وبدأ فعلا مع بعض المراهقين الذين انجذبوا للفن الرابع، غير أن الأمر لم يكتمل للأسف بسبب عراقيل لا أول لها ولا أخر حالت دون مواصلة التجرية
ومن أبرز الأعمال المسرحية التي قام بها الشاب الصحراوي يذكر : مسرحية “العراف” ، مسرحية “السجين” ، مونودرام “يوميات صحفي” ، مسرحية “كاريبيلا” ، “مقبرة الأحياء” و كثير من الأعمال ، كما أن الأخير يعكف على كتابة عمل فنّي جديد حاليا و هو مونودرام “الجائحة” ولا يريد الاستسلام للواقع

ما الذي تواجهه من مشاكل وعراقيل ؟
بإحساس عميق مليء بالخذلان و الحرمان، يقول الفنان الشاب بشير سالمي بأن السكة الصحيحة التي انتهجها في معسكر لم تجد طريقها بعد رجوعه الحتمي لمدينته الأصلية بني عباس اين كبح جماح فنّه
يقول بشير بحسرة: ” بمجرد أن عدت لمنطقتي لظروف عائلية حتّمت علي البقاء، كلمت مدير دار الثقافة بولاية بشار باعتبارها المتنفّس الوحيد للممثل أو الفنان لكن قوبلت بالتعنّت و اللامبالاة”
ومع ذلك عمِل بشير في بشار على تأطير ورشة من حوالي ثلاثين مشاركا، كما حاول -على حد قوله- إعطاء نفس جديد للفن التمثيلي بالمنطقة، غير أن خطواته لم تقابل بالمرافقة والتشجيع من قبل دار الثقافة المحلية
الأمر الأكثر مرارة هو أن بشير سالمي ذو الـ 35 سنة، متزوج و بطال ليس لديه عمل قارّ، وهو ينتظر منذ سنوات التفاتة من المسؤولين المحليين بمدينته، ما يدفع للتساؤل باستغراب : ألم يكن من المفيد ان تستفيد بني عباس من هذه الموهبة الفنية لتكتسي حلة ثقافية متنوعة إضافة إلى حلتها السياحية !؟؟ بل و اماطة اللثام من خلاله عن مواهب أخرى تغني الزخم الإبداعي للمقاطعة الإدارية الجديدة ؟

ينتظر بشير فرصة لإنصافه قد يجدها في التفاتة من وزيرة الثقافة الى وضع الفنانين بالجنوب المنسي، ومن بينهم اساتذة المسرح الذين لا يجدون وظائف ولا متنفسا في ولاياتهم اذا ما قرروا العودة بعد فترة تكوينهم خارجها
وبلهجة المقدّر للجميل و الشاكر لمن لقّنه ، أصرّ بشير بشدة على أن يوجّه شكره لأساتذته الذين تَتلمذَ على يديهم و نهل منهم سواء بالقليل أو الكثير ، أولّهم من يعتبره صديقا وهو الأستاذ والكاتب عدنان المهدي من ولاية معسكر، والمخرج الكبير محمد فريمهدي ، وكذا الأستاذ عبد العزيز عبد المجيب ، والأستاذ العراقي فؤاد النجار ، والمصري سعيد ناصر (رحمة الله عليه) علاوة على هارون الكيلاني من ولاية الأغواط
كما ينوه بشير بمن يعتبر بمثابة مستشارا و موجّها له ألا وهو الأستاذ زواوي من ولاية سيدي بلعباس (ممثّل و مخرج و مؤطر مسرح الطفل ورئيس جمعية مسرح الشباب و الطفل ) موجّها جزيل شكره و عرفانه لأصدقائه بالفن الرابع و خاصة بالفرقة التي كان ينشط بها، علاء الدين ، ربحي أمين ، حبيبو ، شريف عبد المجيد ، مولاي محمد و كثير من الأصدقاء الذين يغيب اسمهم عنه حاليا