تعرضت عديد الغابات بمختلف ولايات الوطن ليلة أمس الجمعة ، إلى حرائق مهولة أتت على الأخضر واليابس، وذلك في كل من تيبازة، وهران، الشلف، عين تموشنت، البويرة، تلمسان، تيزي وزو، غليزان، البليدة، معسكر، سيدي بلعباس ومستغانم، أين أسفرت بوفاة شابين حاصرتهم النيران داخل مدجنة والتحاق أزيد من 50 شخص بالمستشفيات، جراء استنشاقهم لغاز ثاني أكسيد الكربون، كما صرحت مصالح الحماية المدنية لولاية تيبازة، منطقة ڨوراية تحديدا أنه تم إجلاء ثلاث عائلات مكونة من 15 شخصا لمجمع نفطال خوفا لوصول النيران إلى منازلهم، بالإضافة إلى إنقاذ امرأة بولاية وهران، حاصرتها النيران بغابة مداغ التابعة لبلدية عين الكرمة دائرة بوتليليس

وحسب تصريح للمدير العام للحماية المدنية بوعلام بوغلاف، خلال لقاءه مع التلفزيون الجزائري أن عدد الحرائق المسجلة منذ ليلة أمس إلى صبيحة اليوم السبت بلغت 20 حريقا مس 10 ولايات، وقد تم استخدام ستة عشر ( 16 ) شاحنة إطفاء و تدخل 53 عون من مديرية الحماية المدنية، كما تم تدعيمهم بحوامتين لإخماد الحرائق، مجهزتين بمختلف العتاد والإمكانيات، وذلك بولاية تيبازة تحديدا

وأكد بوغلاف أن ” مختلف الوحدات الموزعة عبر المناطق التي مستها حرائق الغابات تعمل كل مابوسعها لحماية حياة المواطنين وكذا حماية ممتلكاتهم ” ، وأضاف ذات المصدر أن الوحدات وجدت صعوبات في إخماد هذه الحرائق بسبب الرياح

فيما قامت مصالح الحماية المدنية لولاية باتنة بنفي الخبر المتداول حول نشوب حرائق بإقليم الولاية، وجاء في البيان ” لم نسجل أي حريق ليلة أمس الجمعة بالولاية إلى غاية اللحظة “

وأكد الوزير الأول، عبد العزيز جراد، اليوم السبت من أعالي جبال قوراية غرب ولاية تيبازة أن “فرضية الفعل الإجرامي غير مستبعدة” بعد الحرائق المهولة التي اندلعت أمس الجمعة بعدد من مناطق الوطن سيما منها بغابات المنطقة التي تسببت في مقتل شخصين، مشددا على تطبيق القانون ب”صرامة”
وفي تصريح صحفي لدى وقوفه على الوضعية قال الوزير الأول الذي كان مرفوقا بقائد الدرك الوطني، العميد نور الدين قواسمية و المدير العام للأمن الوطني، خليفة أونيسي، أنه “قرر الوقوف شخصيا” على الوضعية بالولاية تضامنا مع المتضررين، معلنا عن فتح “تحقيق عميق” لمعرفة أسباب الحرائق التي أدت أيضا في اختناق العديد من المواطنين و في خسائر مادية معتبرة
وبعد أن أعرب الوزير الأول عن أسفه لفقدان ضحيتين و إصابة أكثر من 50 شخصا آخرا جراء الحرائق، أكد أن ظاهرة حرائق الغابات “ستتغلب عليها الدولة و سيتم تطبيق القوانين و التنظيمات بصرامة و وفق مقاربة استباقية”، مشيرا إلى أن الحرائق “إمتدت على طول التراب الوطني من الغرب الى الشرق و في نفس التوقيت ما يجعل من السؤال عن فرضية الدوافع الإجرامية أمر منطقي”.
عبدالعزيز جراد
وأضاف أن الدولة “تعمل وفقا للأولويات حيث يتم حاليا كأولوية قصوى، العمل على إخماد الحرائق و حماية الممتلكات و حياة الأشخاص ثم إعداد حصيلة خسائر وطنية وفي كل ولاية بدقة، قبل المرور إلى تعويض المتضررين”.
وفي هذا السياق تحدث السيد جراد عن “تعويض الفلاحين المتضررين سواء ما تعلق بالمحاصيل الزراعية أو الثروة الغابية” من هذه الحرائق، داعيا المواطنين الى ضرورة “التجنيد في عمليات توعوية لمجابهة أي عملية تهدف الى المساس بأملاكهم وبأمن الوطن و تهدف لزرع الفتنة”
وبعد أن أكد السيد جراد أن المواطن يعد “العمود الفقري لكل مبادرة تقوم بها الدولة”، سجل الوزير الأول أن الحرائق التي تصل الى المحيط العمراني والمناطق الآهلة بالسكان هي “ظاهرة جديدة” و “تشكل خطرا على حياة الاشخاص”، قبل أن يعبر عن أسفه الشديد على وفاة ضحيتين و عن تضامنه مع عائلتيهما.
وتنقل السيد جراد الى منزلي ضحيتي الحرائق لتقديم تعازي الحكومة لأفراد العائلتين و تعهد بأن “المجرمين سيدفعون الثمن غاليا، على اعتبار أنه يفترض أن تكون الحرائق عملا إجراميا يراد به الإضرار بالوطن و المواطنين” مشددا على أن الدولة “واقفة” و”ستتحمل جميع مسؤولياتها للتصدي لمثل هذه الجرائم”.
وكان الوزير قد كتب على موقعه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” أنه “لا تسامح” مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن إذا ما أثبتت التحقيقات أن حرائق الغابات التي شهدتها عدة مناطق من الوطن خلال ال24 ساعة الأخيرة “مدبرة”. وقال في هذا الصدد : ” اليد باليد نسترجع الغابات… لا تسامح مع أعداء الحياة ..الغابات رأسمال اقتصادي وبيئي للجزائريين كافة لن نرضى بالتفريط فيه”.
وتوعد السيد جراد أنه “في حال ما أثبتت التحقيقات أنه مدبر ومقصود فلن نتسامح مع أعداء الحياة والمتربصين بالوطن” مطمئنا بالقول : “سنواجه الحرائق الطبيعية بالتشجير وكل شجرة ضاعت سنعوضها”.
للتذكير، لقي شخصان حتفهما بعدما حاصرتهما ألسنة النيران بكوخ لتربية الدواجن بأعالي قوراية (تيبازة) بعد أن شبت نيران مهولة مساء أمس الجمعة و امتدت لمناطق آهلة بالسكان فيما سجل عدد كبير من ضحايا الاختناقات جراء الدخان الكثيف. و واصلت فرق إخماد النيران الى غاية اليوم السبت عملها في ظل ظروف “صعبة للغاية” لا تساعد على التحكم في ألسنة النيران خاصة بسبب الرياح القوية، فيما تم إجلاء مواطنين من مساكنهم حماية لسلامتهم الجسدية.
وعطلت مصالح شركة سونلغاز شبكة توزيع الكهرباء و الغاز، كإجراء احترازي، على بعض الأحياء التي اقتربت منها ألسنة النيران خوفا من تسجيل انفجارات أو حوادث.
وقد بلغت ألسنة النيران، بسبب سرعة الرياح و التيارات الهوائية الساخنة المسجلة، لخمسة دواوير و هي إملحاين و نهاية و سعدون و اعاشورن و إزغران و واد السبت ما جعل السلطات المحلية تقدم على إجلاء بعض سكانها كإجراء احترازي.