أحداث ورڨلة : تحليل موضوعي لوضعية موضوعية
اجتمعت المشاكل لتجعل من ورڨلة ما هي عليه اليوم. لنر ذلك عن كثب .. غياب التنمية، البطالة، قضايا البيئة، الارتفاع الاستثنائي لحرارة الطقس صيف هذا العام، الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الإستهلاكية الأساسية… كل العوامل إجتمعت من أجل بروز حالة من البؤس الاجتماعي التي تخص ورقلة وضواحيها!
أحداث ورڨلة
تعيش ورقلة حالة من الحزن و الشقاء الدفينين اللذين لم يكونا ليسمحا للناس بالاستمتاع بأي شكل من أشكال الترفيه في ظل حالة الجمود التنموي واستفحال فيضانات المياه القذرة و تصاعد الغبار الكثيف مع تزايد الحرارة. ما دعى الناس الى رفض برنامج الترفيه الموسيقي الليلي (المقترح من قبل السلطات). الرفض عبر عنه قسم كبير من سكان ورقلة، الذين يعتقدون جازمين بأن الحكومة تجهل الاولويات الحيوية الصارخة للسكان!
خليه يغني وحدو
إن الصلاة الجماعية التي أقيمت بمسرح الهواء الطلق بالمدينة الجديدة، حي النصر، كانت صلاة عشاء عادية، صلاة أقامها من اعتاد إقامة الصلوات كأمر طبيعي. ولم ينتبه الكثيرون الى أن جزءا كبيرا من الحاضرين لم يقيموا تلك الصلاة ولم يركعوا مع الراكعين، ولكنهم احترموا المصلين ! و على ضوء ما تقدم، فباعتقادي أنه ليس من شيم سكان ورڨلة – وهم الذين يقيمون على مدار السنة أعراسا تطول سبعة اياما، وتدعى سبعة في سبعة بطقوسها و موسيقاها ومظاهر الفرح العميم—ليس من شيم الوراقلة أن يتجندوا ضد الموسيقى أو يفكروا في أن الفن هو الذي أعاق أو سيعيق التنمية على العموم!
وصف ورڨلة أو كل الوطن بهذه الصورة التي تنزع عن الناس إحساسهم بالفرح لمجرد تعبيرهم عن عدم الرغبة في التظاهر بأن كل شيئ على ما يرام، إنما يدل على جهل تاريخي وأنتروبولوجي للإسلام التقليدي ( الجماهيري) للشعب الجزائري!
ففي الثقافة العرفية للشعب، عندما يعقد اثنان صفقة تجارية، فإنها تكلل بقراءة سورة الفاتحة التماسا للخير والبركة !! هل نسينا بأن الحركة الوطنية قامت بحرب عمت أنحاء الجزائر من أجل استقلال الشعب الجزائري وحريته باسم الجهاد في سبيل الله؟ و أن من مات خلالها يسمى شهيدا ؟
و على النقيض علينا أن لا نغفل الطيور الجارحة التي تتربص في الخفاء. إن الخلايا النائمة للحركات الإسلاموية لا تفوت أية فرصة لتجرب تحويل أي حراك، سياسيا كان أو مواطناتيا!
الحرب خداع عندهم !! ألم يحولوا ما سمي بالربيع العربي نحو أهدافهم ومآربهم ؟ وكذالك فعلوا بال 5 اكتوبر 1988!!
على ضوء ما تقدم، حري بنا أن لا ننسى بأن الإسلامويين و جزءا كبيرا من الجزائريين لديهم قاسم مشترك يتمثل في القطيعة التامة مع الممارسات الحكومية !! إن عدم قبول برنامج الحفلات المقترح من قبل الحكومة، إنما يعبر عن الرفض الشعبي للسياسة الحكومية في مجال الترفيه الموسيقي، وليس رفضا للموسيقى نفسها !! وإلا، فكيف نفسر انتخابات العقاب لسنة 1992 ؟
أحداث ورڨلة
إن حراك ورقلة المجتمعي، لا زال منتعشا منذ 2004 الى يومنا هذا! و مع ذلك، و رغم مرافقته من قبل الاسلاموية، فهذه الأخيرة لم تستطع السيطرة عليه، الى الآن !! أمام هذه المعضلة، فما العمل ؟
بالنسبة لي، ليس هناك ما يمكن ان يحل محل ديناميكية المواطنة، لأن هذه الأخيرة تجند كل أطياف فسيفساء المجتمع حول القضايا والمشاكل المشتركة، وتمنع بالتالي كل انزلاق حزبي أو غيره! والحل كذلك، إذ لا ينبغي إغفال أن السلطة الحاكمة تعمل على تأجيج هذا النوع من المشاكل حتى تضمن لنفسها لعب دور المطافئ !! و على فكرة، علينا استذكار أن سنة 2019 معادلة ذات عدة مجاهيل !!